بل و رأى فيه الكثيرون نسخة مقلدة للأعمال الشامية التي قدمت سابقاً، و وجهوا له انتقادات شتى كضعف إتقان بعض الممثلين لشخصيات العمل و تكرار لمشاهد المعارك بين الحارات وكثرة المماطلة ببعض الأحداث العادية و تسريع الأحداث المهمة .
لكني رأيت فيه رسالة مكتوبة بين السطور كما لو أنها كتبت بحبر سري ، و قد تكون قدمت بهذه الطريقة تجنباً لمعارضة من يعارض هذه الرسالة و تركت للقارئ مقولة إن اللبيب من الإشارة يفهم .
جريمة القتل التي ارتكبت بحق فتاة بريئة بداعي غسل العار، طبعاً والدها من حرض على ارتكاب الجريمة بعدما اعتبر نفسه متأكداً من ارتكاب ابنته للزنا و هو يعرف ابنته و تربيتها و بعد شهادة أربعة شهود ( زور ) دون التأكد من حسن خلقهم و صدقهم في زمن كثر فيه الزعران كما صور لنا المسلسل، و شهادة دايتين ( كاذبتين) في زمن لم يوجد فيه طبيب شرعي ولا حتى طبيب عام، فرأى الوالد أن لا مجال للشك و يجب تطبيق الحد وهنا لا أعلم من أين جاء بالحد الذي أقامه، فلم يرد أي نص ديني يبيح حرمة دم من ارتكبت الزنا و لا حتى في قوانين العقوبات المعمول بها في يومنا هذا .
و كانت الطامة الكبرى أن ظهرت براءة الفتاة، و تبين كذب الشهود و القابلتين و ما سرنا في المسلسل هو بقاء الفتاة حية ترزق بفضل الشاب رضا وشهامته و إنقاذه لحياتها بعدما رميت بين الأموات، و لكن من أين ستأتي برضا في زماننا هذا لينقذ كل مظلومة تقتل غسلاً للعار قد تثبت براءتها و لو بعد حين.
و الرسالة هنا تدعو القاضي و من ينصب نفسه مدعياً و طبيباً شرعياً و قاضياً و جلاداً إلى التريث في إصدار حكمه، و التريث أكثر في تنفيذه و لن تصل العقوبة حد الإعدام ( ففي بلدنا نصت المواد 469-472 من قانون العقوبات بخصوص الجرائم المتعلقة بالأسرة على معاقبة المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر حتى سنتين، و أركان هذه الجريمة هي الوطء غير المشروع أي أن يتحقق الاتصال الجنسي بين المرأة وشريكها - القصد الجرمي أي ارتكاب الفعل عن إرادة - وجود شريك للمرأة - تثبت الجريمة بشهادة الشهود أو الإقرار أو الاعتراف أو ظهور الحمل بامرأة ليس لها زوج ، و يعاقب القانون على السفاح بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات) و إن أرادوا حكماً إسلامياً فليكن ( الإيذاء أو الجلد) و ليس الإعدام.
وفي جميع العقوبات السابقة لن تخسر الفتاة حياتها ،و يبقى المجال مفتوحاً لإثبات براءتها إن كانت بريئة و تصحيح أي خطأ يحصل، وهنا أتساءل هل سيقتص لها القضاء ممن كان السبب في تشويه سمعتها وسجنها أو جلدها ( أرى أنه يستحق عقوبة من نفس النوع مضاعفة مرات عدة)
وهنا نرى أنه يجب التشدد في تطبيق عقوبة القتل العمد على من يقدم على القتل بداعي غسل العار، ولكن بنفس الوقت يجب التشدد أيضاً في تطبيق عقوبة الزنا و السفاح حفاظاً على المجتمع و تشديد عقوبة شهادة الزور في قضايا كهذه .
فهل قرأنا تلك الرسالة في هذا العمل و هل سيخرج أشخاص كرضا في زماننا.